09 Sep 2008
حاول الإنسان منذ فجر التاريخ على جعل حياة أكثر راحة.. وتقليل جهده البدني.. مع مرور الزمان تراكمت معارف الإنسان وتجاربه في تقليل الجهد.. فنشأ علم الهندسة الميكانيكية..
كانت البداية في أقصي شمال بلاد الرافدين في بلاد الجزيرة.. حيث نشأ العالم الميكانيكي الجزري.. والجزري هو بديع الزمان أبو العز بن إسماعيل بن الرزاز الجزري.. احد علماء القرن السادس الهجري.
في مدينة ديار بكر ظهرت موهبة هذا العالم المسلم في علم الهندسة الميكانيكية.. حظي الجزري برعاية حكام ديار بكر من بني أرتق.. فأصبح كبير مهندسي الميكانيكا في البلاط..
كان الجزري ثمرة من ثمار عصر تبلورت فيه ملامح الحضارة الإسلامية التي وصل إلي قمة توهجها في القرن السادس والسابع الهجريان.. خاصة في العلوم الميكانيكية.. كصناعة الآلات ذاتية الحركة العاملة بالماء والساعات المائية والآلات الهيدروليكية التي ابتكرها علماء المسلمين وطورها الجزري..
يعتبر كتاب (الجامع بين العلم والعمل النافع) من أشهر كتب الجزري.. وهو الكتاب الذي ألفه الجزري تحت رعاية السلطان الملك الصالح نور الدين محمود بن محمد.. وصار مصدر جامع لعلوم الهندسة الميكانيكية النظرية والعملية.. في هذا العمل قدم الجزري عدد كبير من التصاميم والوسائل الميكانيكية.. إذ قام الجزري بتصنيف الآلات في ستة فئات حسب الاستخدام وطريقة الصنع.. كانت أساس للتصنيفات الأوروبية في عصر النهضة..
كان علم الجزري أساس لنهضة أوروبا.. فقد اعترف العالم لين وايت أن الكثير من تصاميم الآلات التي ابتكرها الجزري قد نقلت إلي أوروبا، وان التروس القطعية ظهرت لأول مرة في مؤلفات الجزري.. وأنها لم تظهر في أوروبا إلا بعد الجزري بقرنين في ساعة جيوفاني ديدوندي الفلكية.. كما كان الجزري أول من تحدث عن ذراع الكَرنك.. كما ابتكر الجزري في آلات رفع المياه.. وفي استخدام الكرات المعدنية للإشارة إلي الوقت في الساعات المائية..
اعترف الأوروبيين بجهود الجزري في تطوير علم الهندسة الميكانيكية كما عرفه المسلمون، فقد اعترف المهندس البريطاني دونالد هيل بأن أعمال الجزري تحتل أهمية بالغة في تاريخ الهندسة، حيث تقدم ثروة من مبادئ تصميم وتركيب الآلات..
Ismail Serageldin